قراءة في سورة الكافرون
لكي نتمكّن من قراءة سورة الكافرون قراءة معمّقة وعقلانيّة وجب علينا تعريف فعل “عَبَدَ” كما جاء في كتاب الله.
قال تعالى:
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (الذاريات 56)
قال تعالى:
قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (الزخرف 81) : جاء فعل “عبد” في هذه الآية بمعنى المعصية إذ أنّ الله “لم يلد ولم يولد“.
قال تعالى:
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (الأنبياء 53) : جاء فعل “عبد” في هذه الآية بمعنى الطاعة.
تعريف فعل “عبد” كما جاء في معجم مقاييس اللغة لإبن فارس:
“العين والباء والدال أصلان صحيحان، كأنهما متضادّان، والأول من ذينك الأصلين يدل على لين وذلّ والآخر على شدّة وغِلَظ”.
نستنتج من هذا التعريف ومن الآية 81 من سورة الزخرف والآية 53 من سورة الأنبياء أن فعل “عبد” من أفعال الأضداد و جاء في كتاب الله بمعنيين الأوّل “الطاعة” والثاني “المعصية” وبهذا نستطيع معرفة معنى الآية 56 من سورة الذاريات ونستطيع كذلك قراءة سورة الكافرون.
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
صدق الله العظيم
دائما ما نسأل أنفسنا لماذا هذا التكرار في سورة الكافرون ومعرفة معنى فعل “عبد” تعطينا الإجابة:
-
الآية 2: “لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ“ = لا أطيع ما تطيعون.
-
الآية 3: “وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ“ = ولا أنتم تطيعون ما أطيع.
-
الآية 4: “وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ“ = ولا أنا عاص ما عصيتم أو ولا أنا كافر بما كفرتم.
-
الآية 5: “وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ“ = ولا أنتم عاصون ما عصيت أو ولا أنتم كافرون بما أنا كافر به.